مثّلت الرحلة التجريبية لصاروخ “ستارشيب” التابع لشركة سبيس إكس علامة فارقة في رحلة الشركة نحو بناء أول صاروخ قابل لإعادة الاستخدام بالكامل في العالم. بعد سلسلة من عمليات الإطلاق السابقة التي اختبرت قدرات نظام الإطلاق، شهدت هذه المهمة الأخيرة عودة ناجحة إلى الأرض لكل من المعزز سوبر هيفي والمرحلة العليا لصاروخ ستارشيب بنجاح، مما يدل على قدرة سبيس إكس على استعادة وإعادة استخدام المكونات الرئيسية لنظام الإطلاق الخاص بها.
إطلاق صاروخ ستارشيب التاريخي
في 4 مايو 2023، انطلق صاروخ ستارشيب التابع لشركة سبيس إكس من قاعدة الإطلاق في قاعدة ستارب، تكساس، لتكون الرحلة التجريبية الرابعة في حملة اختبار نظام الإطلاق الثوري هذا. على الرغم من الحجم الهائل لصاروخ ستارشيب إلا أن عملية الإطلاق سارت بسلاسة مدهشة، حيث لم يتوقف سوى محرك واحد فقط من محركات رابتور ال 33 المعززة من طراز سوبر هيفي أثناء الرحلة.
الاسترداد المتحكم فيه لمكونات الصاروخ
كانت إحدى اللحظات الرئيسية في هذه المهمة هي الاسترداد المتحكم به لكل من المعزز سوبر هيفي والمرحلة العليا من المركبة الفضائية التي أعيدت إلى الأرض عن طريق التخندق المتحكم به في المحيطات. ويمثل هذا الإنجاز خطوة رئيسية نحو تحقيق هدف سبيس إكس المتمثل في جعل المركبة الفضائية أول صاروخ قابل لإعادة الاستخدام بالكامل في العالم، حيث أن إعادة استخدام المكونات أمر ضروري لتحقيق هذه الخطة الطموحة.
تقنيات الاسترداد المبتكرة
لتسهيل استرداد المكونات، طبقت سبيس إكس العديد من التقنيات المبتكرة، مثل “التدريج الساخن” لفصل المرحلة وإطلاق “حلقة المرحلة الساخنة” بين المركبة الفضائية والصاروخ الفضائي. ساعدت هذه الحلول في جعل عملية إعادة دخول عنصري نظام الإطلاق إلى الأرض أكثر سلاسة.
اختبار نظام الحماية الحرارية
أثناء إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي، واجهت المركبة الفضائية درجات حرارة قصوى بسرعات تفوق سرعة الصوت، مما وضع نظام الحماية الحرارية على المحك. استبدل مهندسو سبيس إكس عمداً أحد الألواح الحرارية البالغ عددها 18000 لوح بنسخة أرق وأزالوا لوحين آخرين من أجل قياس تأثير درجات الحرارة دون الحماية الكاملة واختبار خيارات جديدة لنظام الحماية الحرارية، الذي لا يزال يعتبر المشكلة الرئيسية التي يجب حلها في تطوير المركبة الفضائية.
تقدم كبير منذ الرحلة التجريبية الأولى
تمثل هذه الرحلة الأخيرة خطوة كبيرة إلى الأمام مقارنة بالاختبارات السابقة لمركبة الفضاء. بعد الرحلة التجريبية الأولى غير الناجحة في أبريل 2023، والتي انفجر فيها كل من المعزز والمرحلة العليا أثناء الطيران، حقق كل اختبار لاحق أهدافاً طموحة بشكل متزايد. وقد سمحت الرحلة التجريبية الثالثة في مارس الماضي للمركبة الفضائية بالوصول إلى المدار للمرة الأولى، واختبار القدرات الرئيسية لنقل الحمولات إلى الفضاء.
الأهداف المستقبلية لبرنامج المركبة الفضائية
يتمثل الهدف النهائي لسبيس إكس في الهبوط العمودي للمعزز “سوبر هيفي” والمرحلة العليا من المركبة الفضائية مباشرة في قاعدة ستاربيز، وهي قاعدة الإطلاق والتطوير الخاصة بالشركة في جنوب شرق تكساس. ويعد نجاح هذه الرحلة التجريبية الأخيرة، مع الهبوط المتحكم به في المحيط، خطوة حاسمة نحو تحقيق هذا الهدف. وبمجرد تشغيل نظام إطلاق المركبة الفضائية بالكامل، سيسمح نظام إطلاق المركبة الفضائية لسبيس إكس بإطلاق نسخ أثقل من أقمارها الصناعية Starlink، ونقل رواد الفضاء إلى القمر نيابة عن وكالة ناسا، والمساعدة في نهاية المطاف في جعل الحياة متعددة الكواكب.
التحديات التقنية والتقدم المستمر
على الرغم من التحديات التقنية العديدة التي واجهت عملية تطوير المركبة الفضائية، مثل نظام الحماية الحرارية الذي يعتبر المشكلة الرئيسية المتبقية التي يجب حلها، فإن النتائج التي تحققت في هذه المهمة الأخيرة تُظهر التقدم المستمر الذي أحرزته سبيس إكس. وقد أدت كل رحلة اختبارية إلى اكتشافات وتحسينات جديدة، مما جعل الشركة تقترب أكثر من أي وقت مضى من هدفها المتمثل في جعل المركبة الفضائية أول صاروخ قابل لإعادة الاستخدام بالكامل في العالم.
الآثار المترتبة على مستقبل الفضاء
إن نجاح رحلة المركبة الفضائية التجريبية هذه له آثار واسعة على مستقبل استكشاف الفضاء واستغلاله. فالقدرة على إعادة استخدام مكونات نظام الإطلاق بالكامل يمكن أن تحدث ثورة في الوصول إلى الفضاء، مما يقلل التكاليف بشكل كبير ويمهد الطريق أمام بعثات أكثر طموحاً وتكراراً. ويمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو تحقيق خطط سبيس إكس لجعل الحياة متعددة الكواكب وتوسيع الوجود البشري في النظام الشمسي.
الاعتراف بجهود سبيس إكس
جاء نجاح مهمة رحلة المركبة الفضائية هذه نتيجة للجهود الدؤوبة التي بذلها مهندسو وفريق عمل سبيس إكس الذين عملوا بلا كلل للتغلب على العديد من التحديات التقنية والمضي قدماً في تطوير نظام الإطلاق الثوري هذا. من خلال تفانيهم وابتكاراتهم المستمرة، تثبت سبيس إكس مرة أخرى قدرتها على دفع حدود استكشاف الفضاء وإحداث ثورة في صناعة الإطلاق الفضائي.
مصدر المقال هنا.